يُقصد بالتنمر المدرسي جميع أنواع التنمر التي تحدث داخل المدرسة، سواء كان سلوك المتنمرين ضد بعضهم البعض أو تنمر التلاميذ الأكبر سنا بمن هم دونهم أو التنمر الذي يكون فيه المعلم معتديا أو ضحية.
وفقا لإحصائيات المركز الوطني للتعليم (National Center for Education Statistics)، فإن ما يناهز ثلث الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 18 سنة قد بلغوا عن تعرضهم للتنمر في المدرسة خلال العام 2007، من بينهم من عانوا بشكل يومي تقريبا من هذه الظاهرة.
هناك أشكال مختلفة من التنمر المدرسي، بعضها مركب يتداخل بعضه مع الآخر. وفي ما يلي بعض الأشكال الأكثر شيوعا والتي تتم مناقشتها بشكل مستمر.
المحتوى
الشكل الجماعي للتنمر ومقابله الذي يقع بشكل فردي
النوع الأول يأتي من مجموعة معينة. فقد جاء في تقرير ويسلي الصادر سنة 2009 (the 2009 Wesley Report) عن ظاهرة التنمر، وقد أعدته مجموعة مختصة مقرها أستراليا أن التنمر الجماعي كان أكثر شيوعا في المدارس الثانوية واستمر بشكل أطول من التنمر الذي يمارسه الأفراد.
ظهر هذا السلوك بواسطة الاعتداء البدني أو المضايقات العاطفية ويقع إما بشكل مباشر أو انطلاقا من فضاء افتراضي خارجي (انترنت).
فالأول قد يقع في ساحة المدرسة، ممرات الأقسام، الفضاءات المخصصة للألعاب الرياضية، أو الفصول الدراسية، بل قد يمتد إلى داخل الحافلات المدرسية.
أما التنمر الفردي فيقع في مواجهة بين طرفين اثنين، وقد يكون مباشراً أو غير مباشر عبر الانترنت، ويكون إما عن طريق اعتداء بدني أو عاطفي.
وقد أشار تقرير ويسلي أنه ينتشر بشكل أكبر داخل المدارس الابتدائية. وقد يقع في نفس الأمكنة التي تنطبق على التنمر الجماعي، لكنه قد يحدث داخل الفضاءات الضيقة، مثل الحمامات، حيث يصعب تواجد أشكال التنمر الجماعي.
التنمر البدني هو الذي يقع بواسطة الإيذاء الجسدي، كالدفع والرفع والضرب والعراك والبصق والإسقاط.
ويدخل فيه أيضا التهديد بإلحاق الأذى الجسدي ومحاولات إجبار الآخر على التصرف بما لا يرغب فيه.
أما التنمر العاطفي فينطوي على عناصر أخرى غير التفاعل البدني، مثل الشتائم، الألفاظ والألقاب المهينة والإغاظة والمضايقة.
كما تشمل أيضا محاولات نبذ الضحية، مثل تعمد تركها أو تجاهل وجودها، والتي يشار إليها أحيانا بالتنمر الاجتماعي، وهو يختلف عن التنمر اللفظي.
وقد يتخذ أيضا التنمر العاطفي شكل تعمد الاختلاف أو إخفاء ممتلكات الآخر. وهذا الشكل قد يحدث كذلك بشكل مباشر أو عبر الانترنت.
وسائل التنمر المدرسي
التنمر وجها لوجه هو التنمر الذي يتواجه فيه المتنمر والضحية. أما الابتزاز الالكتروني فهو التنمر الذي يتم عبر الانترنت، إما عن طريق البريد الإلكتروني وغرف الدردشة ووسائل التواصل الاجتماعي والرسائل النصية والفورية أو منشورات المواقع أو غيرها من الوسائل المتاحة على الانترنت.
حيث يلجأ بعض المتنمرين لإخفاء هويتهم حتى يعرضوا ضحاياهم لاعتداءات مجهولة. ويصدر عن التنمر الالكتروني جميع السلوكات التي عرضناها سابقا، بما في ذلك نشر تعليقات تحمل عبارات الشتم والإهانة في حق شخص معين أو إرسال مثل هذه المحتويات إلى شخص أو أشخاص آخرين؛ إرسال رسائل قصيرة بذيئة أو تهديدية؛ التحدث في أعراض الناس ونشر معلومات حساسة أو خاصة عنهم؛ انتحال صفة شخص معين بغرض الإساءة إلى سمعته؛ اقصاء واستبعاد شخص بذاته من صفحة أو مجموعة على الانترنت.
كما يعد الاتصال غير المرغوب فيه، وهو السلوك الذي يعرف على أنه تحرش، شكلا آخر من أشكال الابتزاز الالكتروني.
الأهداف المحددة للمتنمرين في المدارس
- التنمر بالطلاب ذوي الإعاقة؛
- التنمر العنصري الذي يستهدف أشخاص ينتمون إلى عرق أو ثقافة معينة؛
- التنمر الديني الذي يستهدف أشخاصا حاملي معتقدات دينية معينة.
حقائق عن التنمر المدرسي
كشف تقرير المركز الوطني لإحصاءات التعليم (National Center for Education Statistics) عما يلي:
هناك زيادة ملحوظة في حالات التنمر داخل المدارس الإعدادية (الفصول 6 و 7 و 8) أكثر مما هو الحال بالنسبة للمدارس الثانوية.
التنمر العاطفي هو التنمر الأكثر انتشارا، مع الدفع، الصد، العرقلة، البصق على شخص أضعف.
أما التنمر الالكتروني فينتشر بشكل أقل في المستويات الإعدادية قبل أن يتسارع في السنوات الثلاث الأخيرة من المرحلة الثانوية.
تحدث معظم حالات التنمر المدرسي داخل أسوار المدرسة بالدرجة الأولى، وبدرجة أقل خارجها كالحافلة أو أماكن أخرى.
والملاحظ أن طلاب المدارس الإعدادية، خاصة طلاب الصف السادس، هم أكثر عرضة للتنمر داخل حافلة المدرسة.
فاحتمال تعرضهم للإصابة من قبل المتنمرين وتحملهم إياها أعلى من طلاب المدارس الثانوية، حيث تتراجع نسبة هذه الاحتمالات من المستوى السادس إلى الثاني عشر تباعاً.
تظهر بعض الأعراض على ضحايا التنمر ولو بعد سنوات، من قبيل:
- تراجع الثقة بالنفس؛
- صعوبة وضع الثقة في الآخر؛
- عدم فرض الذات؛
- العدوانية اتجاه الآخر؛
- صعوبة التحكم في الغضب؛
- الانطواء على الذات.
التنمر اللفظي وكيفية التعامل معه
ما هو التنمر اللفظي؟ وما هي آثاره؟
يتجاوز التنمر ما هو مادي ليشمل ما هو معنوي. قد يبدو الأمر غريبا، لكن التنمر اللفظي يمكن أن يكون مؤذيا، بطرق مختلفة، بنفس حدة التنمر البدني.
إذ أن الهدف من التنمر اللفظي هو النيل من الضحية وإهانته وجعل المتنمر يبدو قويا ومهيمنا. وكل أشكال التنمر تركز على خلق الوضع الذي يكون فيه المتنمر هو المهيمن على الضحية. وهذا قد يحدث بالشكلين المذكورين معاً.
في كثير من الحالات يحدث التنمر اللفظي في صفوق الفتيات، وتكون آثاره أكثر تدميرا مما قد يحصل بين الفتيان.
فالفتيات يلجأن للتنمر اللفظي والإقصاء الاجتماعي للهيمنة على الآخرين وإظهار تفوقهن وقوتهن.
ومع ذلك، هناك الكثير من الفتيان الذين يعتمدون هذا الأسلوب مع تباين في طريقة استخدام التنمر اللفظي لبسط سيطرتهم على زملائهم، وذلك باستعمال قاموس من الألفاظ الخاصة محاولة منهم لتجنب المتاعب التي يمكن أن يجلبها لهم الإيذاء الجسدي.
آثار التنمر اللفظي
يتأثرت العديد من ضحايا التنمر اللفظي بشكل كبير جداً. فالضرر يلحق بصورتهم الشخصية ويؤثر سلبا على عاطفتهم ونفسيتهم.
قد يؤدي هذا النوع من التنمر إلى فقدان الثقة بالنفس، بل قد يؤدي إلى الاكتئاب وغيرها من المشاكل النفسية.
كما يفاقم المشاكل التي قد يتعرض لها الضحية في البيت أو في أي مكان آخر.
في بعض الحالات، يمكن أن ينتج عن التنمر اللفظي تعرض الضحية لموجة من الكآبة الشديدة، تحاول معها الهروب بأي ثمن، كما قد تلجأ إلى الادمان على المخدرات بل وفي بعض الحالات الخطيرة للانتحار.
وفي نهاية المطاف، فإن للكلمات قوة كبيرة، ولهذا فالتنمر اللفظي قد يكون له عواقب جسدية خطيرة جدا، حتى لو لم يضع المتنمر يده على الضحية.
التعامل مع المتنمرين من هذا النوع
يصعب على كثير على المدرسين والمسؤولين الإداريين في المدارس الكشف عن التنمر اللفظي، لأن آثاره المادية لا تظهر.
لهذا يجب أن تكون على علم بما يجري في حياة طفلك، وأن تكون الملاذ الذي يلجأ إليه في حال تعرضه لأي تنمر لفظي.
هناك بعض العلامات الدالة على أن طفلك قد يكون ضحية لإهانات لفظية من قبيل التلكؤ في الذهاب إلى المدرسة، والانزعاج من أن لا أحد يحبه، فضلا عن الدخول في حالة اكتئاب لفترات طويلة، وتراجع مستواه الدراسي، ومجموعة أخرى من التحولات الجذرية في أنماط الأكل والنوم.
من الصعب التعامل مع المتنمرين من هذا الصنف، لكن هناك بعض الطرق التي يمكن أن يحاول طفلك سلكها من أجل تجنب المتنمرين. والتعامل معهم:
تجاهل المتنمر: رغم أنه أمر صعب، لكن إذا استطاع الطفل أن تتغاضى عن الشتائم والإحجام عن أي رد فعل، فذلك قد يشكل فرصة غير مباشرة لإبعاد المتنمر ودفعه للتحرك إلى هدف آخر أسهل.
أخبر أحدا من المسؤولين: فمدرس موثوق به قد يجعل الأمور أسهل قليلا، نظرا لاطلاعه على هذا النوع من السلوكات.
لسوء الحظ، يبقى من الصعب مصادفة فعل المتنمر اللفظي في حالة تلبس، والأصعب منه إلحاق العقاب بالمتنمر الحقيقي، حيث يصعب إثبات المتورط في مثل هذا السلوك.
لكن مع ذلك التحدث إلى مسؤول في المدرسة قد يكون بمثابة طوق النجاة بالنسبة للضحية.
تعامل بشكل حضاري: لا تلجأ بدورك إلى الوقاحة. فكثير من المتنمرين ينسحبون لمجرد أنك لم تنزل إلى مستواهم.
علاوة على أن تصرفك بوقاحة وعدوانية قد يكون دعوة لمواجهة جسدية مع المتنمر، ما يفاقم المشكلة لتضيف الأثر الجسدي جنبا إلى جنب مع الوقع النفسي.
حاول أن تركز على أصدقائك: إذا كان لطفلك أصدقاء مخلصين، شجعه على تكريس هذه العلاقة بحيث يصبح لها بعض التأثيرات الإيجابية. بالإضافة إلى أن الضحية المحاط بالأصدقاء يجعل المتنمر لا يجرؤ على الانخراط في أي اعتداء لفظي.
ابحث عن مصادر أخرى للتمتع: أنشطة ما بعد المدرسة وغيرها من الاهتمامات والهوايات التي تساعدك على استخدام عقلك للخروج من مأزق حالة تنمر لفظي محتملة.
من الصعب وضع حد نهائي للتنمر اللفظي. لكن من المهم جدا أن يكون المرء مثالا جيدا لأطفاله من خلال التحدث عن ومع الآخرين باحترام وتجنب الوقاحة في التعامل.
لأن الكثير من الأطفال المتنمرين يتعلمون هذه الأساليب عن طريق الوالدين من خلال تعامل هؤلاء وتفاعلهم مع الآخرين.
ظاهرة غريبة عن مجتمعاتنا الاسلامية غداها التقليد الاعمى لدول الغرب لتلك السلوكيات السيئة البعيدة عن القيم والمبادئ الاسلامية