اجتاحت ظاهرة التنمر جميع أنحاء العالم لتنتشر في فصولنا الدراسية. وبما أن هذه الظاهرة تظهر داخل ثقافات ومجتمعات مختلفة، فإن الاحصائيات المسجلة تتضارب وتختلف من بلد وآخر.
وتحمل الإحصاءات الكثير من الدلالات، إلا أنها لا تعكس الواقع بشكل دقيق. سنحاول من خلال هذه الدراسة مقاربة الوضع الراهن للتنمر في المملكة العربية السعودية من خلال الأرقام والوقائع، في محاولة لتسليط الضوء على مشكلة غالبا ما يتم تجاهلها وتناولها بالجدية اللازمة. وربما نساهم في مساعدة الآباء والأطر التربوية وصناع القرار في المملكة من أجل إيجاد الحلول الملائمة لها.
المحتوى
أنواع التنمر في المملكة العربية السعودية
كل المدارس تقريبا في المملكة تفصل بين الجنسين، هناك مدارس للبنات ومدارس للبنين. قد يكون هذا عاملا مثيرا للاهتمام بالعلاقة مع معالجتنا لأنواع التنمر في وسط الناشئة داخل المملكة. وفقا لدراسة أجريت على طلاب المدارس المتوسطة في الرياض، تم تسجيل أنواع مختلفة من الابتزاز في المملكة العربية السعودية.
التنمر اللفظي
تلعب القبلية والقومية دورا كبيرا في كيفية تحديد هوية الأطفال (والكبار) في المملكة، وكذا في الطريقة التي يشكلون بها الجماعات.
وهذا هو السبب في كون التنمر اللفظي في المملكة العربية السعودية يميل إلى التفاعل مع هذه الاختلافات ويمكن أن ينحو منحى عنصريا في بعض الأحيان.
فالأطفال يتحمسون للدفاع عن بعضهم البعض على أساس انتماءاتهم القبيلة، وبالقدر نفسه تشويه كل طفل آخر أجنبي عن جماعتهم أو ينتمي إلى قبيلة معارضة.
التنابز بألقاب معينة والقذف بكلمات مسيئة، قد تصل إلى حد الإهانات العنصرية. وهنا يعتبر استخدام اللون وبلد المنشأ الأكثر انتشاراً.
فعلى سبيل المثال، تُستخدم كلمات مثل “الطعمية” و”الطبولة” في إشارة إلى زملاء المدرسة الحاملين لأصول مصرية ولبنانية، فهذه عبارات تحيل إلى أطعمة مرتبطة بالدول المذكورة.
التنمر البدني (الابتزاز البدني)
رحلة مدرسية، ركلة، أو ممازحة، سلوكات تبدأ باللعب لتنتهي بمعارك كبيرة. وكثيراً ما يتجاهل المسؤولون في المدرسة مثل هذا النوع من الحوادث بحجة أن ذلك من طبع لعب الأولاد.
وهو ما يساهم في تعميق المشكلة. علاوة على وجود ثقافة تمجد الذكورية وتدعي المحافظة على الشرف، مما يكرس سلوك الانتقام ويجعل العنف نتيجة طبيعية في مدارس الفتيان.
ومن ناحية أخرى، يحدث التنمر الجسدي أيضا بين الفتيات كسحب الشعر وتبادل الضرب والإهانات والتهديد باستعمال العنف.
ويقود هذه الأفعال مجموعات من 6 إلى 7 فتيات يستخدمن أرقام هواتفهن لإرهاب وترويع الفتيات الأخريات.
هذه المجموعات (أو العصابات)، التي تعرف باسم “البويات”، إشارة إلى أعضائها المتشبهات بالذكور، وهي مجموعات غالبا ما تكون وراء الكثير من المتاعب لدرجة أن المسؤولين في المدرسة، وفقا للدراسة، يحاولون تفادي أي اصطدام معها.
التنمر العاطفي والاعتداءات الجنسية
یتبادل الطلاب التهديدات، مستغلين الامتيازات التي قد یمنحھا لهم الأساتذة، لتكوين خلايا مھیمنة على أقرانھم.
وهناك ثقافة الثرثرة ونشر الشائعات المثيرة التي تسود بين صفوف الفتيات.
أما بالنسبة للتحرش الجنسي، فوفقا للدراسة، فالتعليقات الجنسية عادة ما تنحصر في الأماكن البعيدة عن مراقبة الأطر التربوية كالحمامات.
من المهم أيضا أن نضع في الاعتبار أن الثقافة السعودية ليست منفتحة على الاختلافات فيما يتعلق بالميولات الجنسية أو ما يعرف باسم المثلية الجنسية.
فهي ليست فقط أمرا غير مقبول يجلب العار، بل ويعرض صاحبه للاضطهاد. لهذا تعيش هذه الفئة حياة سرية.
العنف في المدارس والجامعات السعودية
لا يقتصر التنمر في المملكة العربية السعودية على العنف بين الأقران، ولا يقتصر على المدارس فقط.
هناك حوادث يتعرض فيها الأساتذة للتنمر من قبل طلابهم وهناك حالات من التنمر تؤدي إلى إصابات خطيرة بين طلبة الجامعات.
لقد تم تسجيل زيادة إجمالية في معدلات جرائم الأحداث. في إحدى الحالات المسجلة، بدأ عراك بين مجموعتين من الطالبات في جامعة الجوف، وقد ادعت المجموعة تعرضها للتنمر من قبل الثانية، هذا ولم يعرف الحادث تدخل لحراس الأمن أو مسؤولي الجامعة على الإطلاق، وهو ما انتهى بسقوط طالبة مغما عليها تم نقلها فيما بعد إلى المستشفى.
وفقا لموقع “العربية”، في جازان، قضى معلم بمدرسة ثانوية في هجوم لأحد الطلبة، في حين تعرض معلم آخر للاعتداء في مكة وثالث تعرض لهجوم في مدرسة ثانوية في الدمام.
كما اعتقل رجال الأمن في جدة أربعة طلبة عند محاولتهم إضرام النار في مدرستهم”.
يمكن أيضا أن يكون المعلم متنمرا. فباستخدام اللغة المسيئة، والصراخ والصياح في وجه الطلبة،
يمكن اعتبارهم مسؤولين جزئيا عن السلوكات العدوانية للشباب بشكل عام. أما الفصول الدراسية فقد تحوي عددا كبيرا من الطلبة قد يصل إلى 50 طالباً،
وهو ما يساهم في ارتفاع حرارة المكان وتعالي الأصوات وسرعة الغضب، حيث يكون الجميع، طلبة ومعلمين على حافة فقدان أعصابهم.
التنمر الالكتروني في المملكة العربية السعودية
وبالنظر إلى حرص المجتمع السعودي على شرف المرأة، فإنه ليس من المستغرب أن ينتشر فيه التنمر الالكتروني ويتخذ أشكالا مثل الابتزاز ونشر الشائعات، وخاصة ضد النساء.
مدارس الفتيات أماكن طلبتها وأطرها ومسؤولوها كلهن إناث، لهذا فهي أماكن يُتاح لهن فيها حرية اللباس والكشف عن شعرهن واستخدام الماكياج إذا رغبن بذلك.
وهو متنفس للطالبات كي يشعرن بأنوثتهن وجمالهن، ويتباهين بتسريحات شعرهن الجديدة أو بملابسهن الجديدة،
وهي أمور لا يمكنهن القيام بها في الشارع أو المراكز التجارية أو الحدائق العمومية.
ومع دخول عهد الهواتف المزودة بالكاميرات، أضحى من السهل جدا التقاط الصور واستخدامها فيما بعد للابتزاز والإذلال أو التعريض بضحاياهن.
كما يُسجل استخدام قاموس من الكلمات البذيئة والسخرية والتعليقات المسيئة على وسائل التواصل الاجتماعي.
هذا وقد فتحت وزارة الداخلية مؤخرا حيزا على موقعها في الانترنت لتلقي الشكاوى المرتبطة بالتنمر الإلكتروني وكذلك التبليغ عن الابتزاز الالكتروني في السعودية والتعليقات المسيئة أو اللغة العدائية المنتشرة على شبكة الانترنت.
وهذا، في نظرنا، أمر جيد وسيء في الآن ذاته. إذ يمكن أن يكون بمثابة رادع للمتنمرين عبر الانترنت.
لكنه قد يشكل تقييدا للحريات الشخصية، لأن قوانين المملكة تقف ضد أي شكل من أشكال التواصل بين الجنسين خارج الدوائر الأسرية ورابطة الزواج.
أسباب التنمر في المملكة العربية السعودية
وفقا لدراسة أُجريت سنة 2015، هناك عوامل كثيرة تساهم في هذه المشكلة، في ما يلي أهمها:
انعدام الأمن داخل الحرم الجامعي
يعاني الطلبة من قلة الدعم والحماية المناسبين. إذ لا يوفر لا الأساتذة ولا المسؤولون بيئة آمنة تشعر الطلبة بالأمان الكافي لحمايتهم عند الإبلاغ عن حوادث التنمر. فعلى كل تلميذ(ة) أو طالب(ة) أن يتكفل بالدفاع عن نفسه / نفسها أو طلب المساعدة من متنمر أو متنمرة من مؤسسة أخرى.
خوف الأطر التربوية من التورط في هذه المشكلة
فقد أبلغ المدرسون عن قلقهم بشأن عواقب التورط في قضايا مع المتنمرين أو عائلاتهم. وبما أنه في كثير من الأحيان يكون الآباء والأولياء عدوانيين ويرفضون فهم المشكلة، فإن ذلك قد يتسبب للمدرسين في الكثير من المتاعب عقب محاولتهم توبيخ المتنمر أو تصحيح سلوكه.
قلة الوعي وغياب السياسات الفعالة
فغالبا ما تفتقر الأطر التربوية، التي تختار الانخراط في حل هذه المشكلة، إلى الإدراك الناجع للقيام بهذا التدخل بشكل ناجح.
هناك غياب لسياسات موحدة للتعامل مع المشكلة، إذ تبقى المحاولات فردية وغير متناسقة.
غياب التحفيز
بعض الطلبة يفتقدون الحوافز للتعلم، ويلجؤون للفوضى كمنفذ لتفريغ طاقاتهم. علاوة على أن ساعات المدرسة تخصص حصريا لتلقي الدروس. فعدم جدولة أنشطة تحفيزية ترفيهية يسبب الملل والحرمان، وهو ما يفسر السلوكات العكسية للطلبة.
ثغرة التواصل
هناك القليل من التواصل يطبع العلاقة بين المسؤولين وأولياء أمور التلاميذ والطلبة، وكذا المدرسين والطلبة، ثم الطلبة وأولياء أمورهم.
وبسبب هذه الفجوة في الفهم بين هذه الأطراف، تطغى فقط لغة اللوم المتبادل وتحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك.
في 2013، أُجري استبيان شمل 12.757 طالبا خلال شهر واحد. حيث كشفت النتائج أن 50٪ من الطلبة المستجوبين كانوا ضحايا للتنمر.
وقد كشفت حينها الدكتورة مها المنيف، رئيسة البرنامج الوطني لسلامة الأسرة، عن الجهود الرامية إلى اقتراح قانون يلزم المؤسسات التعليمية في المملكة بالاعتراف بالتنمر والتعامل معه كقضية وطنية.
لو سمحتو كيف اشتكي على معلمه تتنمر على بنتي وهي طالبه تدرس في الصف الخامس لدرجة انها تفكر في ترك الدراسة بسبب المعلمة
عادي ارفعي عليها شكوى للأدارة العامه لطلاب.